الخميس، 14 نوفمبر 2013

من يوميات حرب 2012على غزة(مقاوم بدون سلاح)



  استيقظت على أصوات الإنفجارات الضخمة والمفزعة من قبل الغربان (الطائرات الحربية الصهيونية ) كالعادة وكسابقه من أيام الحرب إلا أن هذا اليوم كان مختلفا عما سبقه من أيام الحرب حيث أنه أكثر دموية ،وكأني كنت نائما طوال الليل لأستيقظ صباحا حيث نهضت من فراشي من شدة الإنفجارات أنام واستيقظ وأعاود النوم واستيقظ وأنام...هكذا مضت ليلتي .
صليت الفجر وتصفحت المواقع الإخبارية حيث التيار الكهربائي لم ينقطع بعد ،وكتبت على حائط صفحتي على موقع الفيس بوك (صباح الخير يا غزة مع أنشودة سوف نبقى هنا) ،وخرجت من منزلي الساعة السابعة صباحا بعد أن توكلت على الله وطبعا دعاء أمي يصاحبني والذي يشعرني بالأمان متوجها إلى عملي. فربما تستغرب! عندما أقول إلى عملي مع أن هناك مخاطرة تحيطني من أكثر من مكان، حيث عملي بمنطقة كثُر القصف حولها ، لكن حدثت نفسي قائلا هيا اثبتي تقدمي هي حياتنا ،وهو جزء اعتبره من التحدي والصمود والمقاومة  وعدم الهزيمة النفسية، وبالأحرى نحن أصحاب الحق فمن هنا مصدر قوتنا ،واعتبر عملي جزءاً من المقاومة  لأني اعمل في مطبخ للأكل الشرقي نوفر فيه وجبات من الطعام رغم صعوبة وخطورة العمل،حيث انه يشكل عامل اطمئنان وحياة لأناس يتعرضون لحرب وقذائف وصواريخ في كل مكان وفي كل حين ، بعد أن وصلت إلى مكان عملي قدر الله أن أنسى مفتاح العمل مما اضطرني أن أقف قليلا أمام المطبخ تحت إحدى الأشجار، وما لبثت إلا قليلا حتى سمعت صوت الطائرة الحربية (f16) وهي تسقط صاروخين همجيين على إحدى المناطق القريبة ،ويهتز جسدي لا قلبي من شدة الانفجاريين، وأرى بأم عيني نارا ودخانا كثيفا ممزوج بكثير من الرمال يعلو و يعلو إلى السماء.
 هذا ما رايته بتلك الدقيقة التي وقفت فيها تحت إحدى الأشجار الموجودة أمام المطبخ،وبعدها هاتفت صاحب العمل لوجود مفتاح آخر بحوزته -الذي سقط زجاج بيته وبيوت الجيران نتيجة استهداف الليلة الماضية في  ارض فارغة قريبة كثيرا من منزله- وبالأمس وقت الظهيرة شاهدت لمعان صاروخ طائرة الاستطلاع قبل أن يستهدف شاباً في نفس الشارع الذي كنت أقف فيه على بُعد مسافة لا تتجاوز 200متر والحمد لله قد نجا هذا الشاب من الموت.
  نحاول أن ننهي عملنا بأسرع وقت ممكن من اجل الوضع الخطير الذي يحيط بنا يومياً وبعد أن أنهيت عملي توجهت إلى منزلي، حيث أن صوت الإنفجارات لا تكاد تنقطع أبداً وكذلك صواريخ المقاومة بين الحين والآخر تنطلق إلى السماء نحو أرضنا المحتلة ،ومع كل صوت صاروخ يخرج  من بين أيدي مجاهدينا يخرج مني صوتا وبكل تلقائية (الله معك).
 تابعت الأخبار حتى انقطاع التيار الكهربائي ثم نمت لساعتين ولا أعلم لماذا لم أستيقظ خلال تلك الساعتين ربما من تعب العمل وقلة النوم في الليل أو لعلها كانت ساعتين من الهدوء الحذر قلّت فيها الإنفجارات ،وللأسف استيقظت على خبر مفجع مؤلم تألمت منه الحجارة،فمجزرة بشعة في حق إحدى العائلات الفلسطينية البريئة وهي قصف منزل لعائلة الدلو حيث ارتقى أحد عشر شهيدا من العائلة وجلّهم من النساء و الأطفال الذين سرقت ابتسامتهم  وشهيدين آخرين من جيرانهم.وهي جريمة تقشعر لها الأبدان حيث تقصف الطائرات الحربية صواريخ تزن الأطنان تنهمر على العائلة. وظللت إلى ما بعد المغرب أتابع هذه المجزرة وقد شعرت بالحزن والغضب وبالغيظ لقتل هؤلاء الأطفال والنساء والمدنيين لأني أشاهد الأطفال والنساء  والشيوخ والرجال يقتلون وهم عزل.
وودت أن اسمع خبرا مفرحا خبرا يقلل من حزني وغيظي ،فغيظي لا بد أن يبقى لعدوي غير مكبوتٍ  ،فما هي إلا لحظات حتى  بدء مذيع إحدى الإذاعات يكبر ويهلل بإعلان المقاومة عن استهداف طائرة  حربية بصاروخ ارض جو الذي لم يكن موجودا في أي عدوان أو حرب من قبل. وقد تمكنت المقاومة من استعماله في هذه الحرب, وبدأ الأهالي في حارتي يهللون ويكبرون  معبرين بالفرحة لهذا الخبر. الله اكبر، ففي هذه الحرب قصفت تل أبيب (تل الربيع) المحتلة من غزة المحاصرة فعلا هذا عمل قام المحاصرون ولم يجرؤ أحد على فعل هذا من قبل، فقد  قهر الجيش الأكذوبة الذي لا يقهر من المحاصرين  ،ومازلت استمع للغارات  الصهيونية حيث  اشتدت حدتها أكثر من بعد صلاة العشاء،وفي ذات الوقت استمع لصواريخ المقاومة تنطلق من غزتنا الصامدة إلى أرضنا المحتلة،ومازلت أردد قائلا الأرض أرضنا والحق لنا مهما قتّلنا سنبقى نقاوم وسنموت ولن نركع واليوم ليس كالأمس .ففي غزة بدأ يُكتب تاريخ جديد وأيقنت أن العد التنازلي لإنهاء الاحتلال الصهيوني والقضاء عليه بات قريبا، وإننا لمزر وعون في فلسطين وإنّا لباقون وهم المارون الهاربون بإذن الله.
ومازالت خواطري تردد أبياتا من المقاومة:
                                                   
أنا من غزة ولا أخشى العدى
أنا الوجع مني اشتكى
أنا مقاومة أنا في الحرب صنديد
أنا رعبا أنا كابوسا لليهود
أنا أرض أنا بحر أنا سماء
أنا فلسطين أنا القدس فلا أمان عليّ لليهود
أنا أبي شهيد وأمي شهيدة
أنا أختي شهيدة وأخي شهيد
أنا صديقي شهيد و جاري شهيد
أنا من غزة فأنا شهيد


ومازال أطفال فلسطين يرددون اضرب اضرب تل أبيب ،فبعد انتهاء الحرب شاهدت أطفالاً أكبرهم لا يتجاوز الثمانية أعوام يتقدمهم  ويهتف ويتغنى بأغنية "اضرب اضرب تل أبيب" وبقية الأطفال من خلفه يرددون ما يقول، فيا تُرى هل سنكتفي بضرب تل أبيب بالصواريخ في المستقبل أم سيكون هناك مفاجأة أخرى وكبرى؟.


           



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المدونة او صاحبها وهي وجهات نظر أصحابها